العلاج بالماء يختصر فترة إعادة تأهيل الجسم

العلاج بالماء يختصر فترة إعادة تأهيل الجسم


لنقل انك تعرضت لإصابة أثناء ممارسة رياضتك المفضلة مما تطلب إجراء عملية جراحية في الركبة. والآن فكر بالساعات العديدة التي تستغرقها عملية إعادة التأهيل المؤلمة التي ستواجهها حتى تعود الركبة إلى عملها الطبيعي. ولكن ما لو كانت هناك طريقة لإعادة تأهيل ركبتك في وقت أقل وألم أقل؟

وقد تعاني من الفايبروميالجيا (مرض يسبب ألماً في العضلات واضطراباً في النوم وتعباً وله علاقة بحدوث خلل في مستوى المواد الكيميائية الدماغية التي تنقل الإشارات العصبية) أو بعض الأمراض التي تجعل اللمس مؤلما. ولكن ماذا لو توافرت طريقة تعيد عضلاتك إلى عملها الطبيعي من دون آلام على الإطلاق؟ هناك فعلا طريقة واسمها “العلاج بالماء”.

ان استخدام الماء لمعالجة الإصابات والأمراض طريقة قديمة وجديدة في آن واحد. لقد استخدم الإغريقيون والرومان في الماضي الماء وسيلة لإعادة التأهيل بعد الأحداث الرياضية، ومع ذلك فإن هذه الطريقة لم تنتشر إلا حتى وقت غير بعيد. وعندما بدأت وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا” دراساتها على انعدام الوزن في الماء في ستينات القرن الماضي، بدأ الناس يدركون الفوائد العلمية للعلاج بالماء.

ويقول المعالج الفيزيائي جان برات في ولاية ميسوري “تستطيع المياه تقديم المساعدة فعلا لمعظم المرضى واستخدام الماء عملية سهلة وفعالة ناهيك عن انها لا تسبب ألما مقارنة بالعلاجات الأخرى. لقد أطلق الناس على المعالجين الفيزيائيين أسماء عديدة منها “الإرهابيون الفيزيائيون” و”الجلادون الفيزيائيون”. فالماء ليس كذلك، إنه متعة وله تأثيرات قوية”. وإن كنت لا تصدق، عليك ان تسأل ستيف ريني البالغ من العمر 45 عاما، حيث نصحه أطباؤه بالخضوع إلى العلاج بالماء بعد الجراحة الكبيرة التي أجريت له في ظهره. ويقول ريني “لم أصدق الفرق الذي أحدثه هذا النوع من العلاج لقد تجاوزت مرحلة كبيرة مقارنة بالعلاجات الأخرى”.

وتمكن العديد من البشر من استعادة حركاتهم في وقت قصير ومن دون ألم أو ضغط على الأجزاء التي تتم معالجتها. ويمكنك البدء بالعلاج بعد يوم أو يومين من التواء مفصل أو شد عضلي أو بعد يومين إلى عشرة أيام من الخضوع لعملية جراحية. وبالطبع ان الجرح المفتوح سوف يمنع استخدام العلاج بالماء لفترة ما رغم ان هناك ضمادات خاصة تتيح هذا النوع من العلاج حتى بوجود مثل هذه الإصابات.

ويقول بيس ماكسويل الذي يحمل شهادة دكتوراه في الفيزيولجيا ويشغل منصب المدير التنفيذي لصالة “شومي أكواتيكس أند فيتنس” بمدينة سانت تشارلز بولاية ميسوري “الشيء الذي يميز الماء عن الأرض في هذه الحالة هو انه باستطاعتك ان تمشي في الماء دون ان يتحمل الجسم عبء وزنه بخلاف التمرين على الأرض”.

وسوزان ستات (51 عاماً)، واحدة من اللواتي استفدن من العلاج بالماء. كانت ستات تعاني من الفايبروميالجيا وهو اضطراب يتعلق بالالتهاب المفاصل ويتسم بألم ووهن عضلي عام ويصيب مختلف الناس بطرق مختلفة.

وكانت ستات تعاني من آلام شديدة لدرجة ان مجرد اللمس كان يسبب لها ألما مبرحا وبالتالي فإن التدليك التقليدي الذي كانت تعتقد انه مفيد لها، لم يكن ممكنا. وتقول “لقد مرت أيام لم استطع فيها وضع قدمي على الارض”. وفي تلك الأثناء قرأ زوجها مقالة عن علاج يسمى “واتسو”.

و”واتسو” هو نوع من التدليك يمارس في المياه ويشمل سلسلة من الحركات البدنية في المياه الدافئة التي ترخي الجسم مما يؤدي رفع مستوى مرونته. وفكرت ستات بأن تجرب هذا النوع من العلاج، وعليه اتصلت بكاثيرين كريست التي أجرت ما يقارب 6 آلاف جلسة واتسو في مركزها في ولاية ميسوري.

وتقول ستات “بداية جعلتني في حالة استرخاء ومن ثم أجرت لي تدليكاً من النوع الذي لم أتحمله وأنا مستلقية على اللوح الخشبي لأن ذلك آلمني كثيرا، ولكن في الماء لم أشعر بأي ألم”. وبعد اربع سنوات من العلاج، تقول ستات إنها لاحظت فرقا كبيرا في حالتها. وتضيف “أشعر الآن بصحة جيدة، لقد كانت حالتي مزرية فعلا، فقد كنت أمضي معظم وقتي وأنا مستلقية على الفراش، أما الآن أنا نشطة جدا حتى إنني أقوم بجز الأعشاب”. لقد تمكنت ستات من العودة إلى ممارسة كافة نشاطاتها التي حرمت منها.

وكانت كريست أسست المركز في 1997 بعد ان قرأت مقالة عن فوائد “واتسو” وأعجبت بالأسلوب حيث انها كانت تعمل كمعالجة فيزيائية. وبعد أن باعت مشروعين من مشاريعها التجارية، جددت الدور السفلي من منزلها وحولته إلى صالة للتدليك بأسلوب واتسو. وفي تلك الأثناء توجهت كريست إلى كاليفورنيا لدراسة الواتسو ومن ثم عادت وكلها ثقة بأنها تستطيع شفاء الناس.

وتعود فعالية واتسو إلى أسباب عديدة كما تقول كريست. فالماء الدافئ هو منوم، وهو ضروري للجميع لأنه يدفع الدماغ إلى الاسترخاء. ويستطيع الجسم مداواة نفسه إذا ما ترك الأمر لأنظمته الخاصة إلا ان الدماغ يعترض طريق تلك الأنظمة.

وتحرير العمود الفقري في بيئة انعدام الوزن هو حجر أساس نظام واتسو. ويقوم المعالج أيضا بسند المريض في الماء ومن ثم يعمل بلطف على ثني الأطراف وشدها.

وخلال العلاج التقليدي بالماء او خلال العلاج بأسلوب “واتسو” على السواء، يتم تسخين الماء حتى تصل إلى درجة حرارة الجسم، فالماء الساخن يهدئ الدماغ ويسمح بحركة أكبر للعضلات.

ويقول ماكسويل إن الماء الدافئ يساعد على خفض الألم. ويضيف برات أن الماء أداة إعادة تأهيل مثالية لعدة أسباب. فهناك أولا قابلية الطفو. عندما يغمر الجسم بالماء ينخفض مستوى الجاذبية والضغط على العمود الفقري وأجزاء أخرى من الجسم وبالتالي فإن الشخص الموجود في الماء لن يشعر بالألم حتى من دون أن يضطر للحركة حسب قول برات.

ويوافق ماكسويل على ان خاصية الطفو هي التي تجعل من الماء أداة مميزة. في الشخص الذي يبلغ وزنه 180 رطلاً على سبيل المثال سيزن 30% فقط من وزنه الفعلي عندما تغمر المياه جسمه حتى مستوى الصدر. وعليه فإن قوة الجاذبية التي تضغط على مفاصله لم تعد موجودة. والضغط الهيدروستاتي للماء هو أيضا من الأشياء التي تجعل الماء أداة علاجية مميزة. فالجسم يشعر بالضغط من جميع الجهات.

وتشمل التأثيرات الفيزيولوجية لهذا الأمر، انخفاض مستوى التورم. وأخيرا، فإن القيام بحركات إضافية له أبعاد جديدة. من المعروف ان الماء أكثف من الهواء باثنتي عشرة مرة وعليه فإن المقاومة مفيدة جدا لإعادة تأهيل العضلات. وأضف إلى ذلك،فإن باستطاعتك القيام بعدد أكبر من الحركات الوظيفية وتحريك عضلات خاصة في الماء.

إن الهدف من هذا النوع من العلاج هو الوقاية من الإصابة وإعادة التأهيل من دون تعريض العمود الفقري للأضرار. ويقول ماكسويل إن “دورنا هو مساعدة الشخص على القيام بأكبر قدر من الحركة لتحسين نوعية حياته عبر التمارين. إننا نعمل على تمكين الناس من القيام بمهام وظيفية مثل المشي والجلوس والوقوف وأشياء كثيرة غيرها”.

وبالإضافة إلى إعادة تأهيل الجسم بعد الإصابة والعمليات الجراحية، يستخدم العلاج بالماء للألم المزمن والتهاب والمفاصل والاضطرابات العضلية العصبية والصداع المزمن والتعب المزمن وفرط النشاط والتوحد وإضطرابات النوم والقلب والشلل الدماغي والتصلب المتعدد وإصابات العمود الفقري وشلل الأطفال ومتلازمة تورينت والفايبروميالجيا ومرض باركنسون والسكتات الدماغية والضمور العضلي.


منقول