بسم الله الرحمن الرحيم .أما بعد , أشكركم جزيل الشكر على هذا الإهتمام ,و على الرد الجميل الذي أحسست أن وراءه حب المعرفة و الحق .و لكونكم ألزمتموني الحجة , فلا مناص من التفصيل حتى و لو كان البحث طويلا .
إن المتمعن في كتاب الله الكريم , لا بد أن ينتبه إلى تأكيد الله تعالى على أنه ما خلق السموات و الأرض و ما بينهما إلا بالحق.
و سيتنكر رب العالمين رمي خلقه و ملكوته بالعبث .و كلنا يكاد يحفظ الآية الكريمة : ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا و أنكم إلينا لا ترجعون ) .الآية 115 من سورة المؤمنون .
و لذلك أرى أن الدفاع عن الحق ينبغي أن يكون بالحق.و لا يمكن أن يكون أبدا بالباطل و تلاشي سنن الله التي خلق عليها ملكوته كله .
و من البداية أقول , لست ممن ينكرون أحاديث رسول الله -ص- في الدجال .بل أجدني أشد تمسكا بها , لأن فهمها على حقيقتها و في إطار الحق يجعلها آية باهرة لا يتطرق إليها الشك مطلقا .تثبت صدق النبي محمد-ص- و صدق رسالته .بحيث ترى أن هذه الأحاديث وحيا من الله بلا ريب و شكوك .
مفتاح فهم أحاديث الدجال :
بالعودة إلى القرآن الكريم , نجد أن رؤيا سيدنا يوسف و رؤيا الملك قد تتحققتا بالتمام .و لكن لا نجد أبدا أن الكواكب تغير شكلها أو تضاءل حجمها لتسجد لسيدنا يوسف .و لم ير الملك هذا المنظر الغريب سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف في الواقع المعيش .و كلنا يعلم أن الكواكب كانت إشارة إلى إخوة يوسف .و الشمس و القمر إلى أمه و أبيه .و أن البقرات و السنابل كانت إشارة إلى سنين القحط و الجذب , و كذلك للسنوات الخصبة التي بعدها .و لم نكن أبدا في حاجة إلى نقض سنن الله في ملكوته .بل بقي القانون الأساس هو الحق .
و لكون أحاديث رسول الله -ص- نبوءة عظيمة , لا بد أن نلتمس تفسيرا يبقي عقولنا في دائرة الحق .و لا نرمي ملكوت الله سبحانه بالعبث أبدا .
حديث تميم الداري :
لقد كذرتموني في ردكم الجميل بحديث تميم الداري , و بالطبع ما كان ليغيب عني أبدا . فأنا أعتبره قبضة مفتاح الفهم الصحيح .و الحق هنا أن حديث تميم الداري لم يكن سوى رؤيا رآها , و لما سردها في حضرة النبي الكريم , لم ينكرها عليه .بل أكد موافقتها لما حدث هو نفسه عن الدجال .و الدليل الذي يهدي للحق هنا , هو أن أخذها على الحقيقة ينسف سنن الله في كونه .ذلك أن الدجال في الرؤيا رجل عظيم الخلقة ينتظر ساعة الخروج و هو حسب فهم البعض لم يخرج حتى الآن .فكم عمره الآن ؟.و كم ينبغي له أن يعيش إلى حين خروجه و موته على يد عيسى عليه السلام ؟ .
جاء في حديث تميم الداري , انه رأى الدجال مكبل اليدين و الرجلين في دير. أي في كنيسة .و لماذا في كنيسة بالضبط ؟. هذا مصداق قول رسول الله و تسميته بالمسيح.و ليس البوذي أو الهندوسي . أي أن دعواه ستكون للمسيحية الكافرة الداعية لعبادة المخلوق دون الخالق .و هذا أيضا دليل واضح من قول رسول الله : ( يا عباد الله اثبتوا ) أي تمسكوا بدينكم الإسلام . أي أنها فتنة في الدين و هي أعظم الفتن .
ثم إن تحقق النبوءة تحققا تاما جعلها آية باهرة على صدق النبي الكريم . تأمل حال الأمة المسيحية في عصور إنحطاطها .ألم تكون الكنيسة تقيد الفكر و العلم , بقيود أشد وثاقا من الحديد ؟ . ألم تحرم على الناس حتى امتلاك نسخة من الإنجيل . ألم تبع لهم صكوك الغفران ؟ . ألم تحرق العلماء الأوائل أحياءا لمجرد التفكير الخارج عن دائرة الكنيسة ؟.
و ما إن تلاشت قيود الكنيسة حتى انطلق هذا المارد , الذي تيميز بعور عينه اليمنى , إشارة إلى العمى عن إبصار الحق . و خلو دعاه من الإيمان بالله . فبالرغم من التطور الرهيب الذي لم يسبق له مثيل من قبل في المجالات المادية , يتمسك الدجال بكون عيسى عليه السلام إله و ابن إله .أي عمى و أي عور أكثر من هذا ؟.
ثم إن أخذ الأحاديث على حرفيتها هنا لا يخلو من تناقض لا سبيل إلى تبريره مطلقا .و هو كيف يعجز من يحي الميت على إصلاح عور عينه ؟ .
و لكون أحاديث رسول الله -ص- وحي من الله ترى الإنسجام و الترابط دقيقh عجيبا , يزيد الأحاديث صدقا و دلالة .فانظر إلى ماذا أحالنا رسول الله لاتقاء فتنة الدجال . أحالنا إلى كتاب الله القرآن .و بالضبط إلى الآيات العشر الأولى من سورة الكهف .و لا يجهل أحد منا ضرورة قراءة هذه السورة كل يوم جمعة . و عليه ما هي العلاقة بين الدجال و هذه الآيات ؟ .
بالتأكيد , لم ترد كلمة الدجال في القرآن بكامله . لكن انظر أخي هذا التحذير الخطير الذي حوته الآيات محل البحث و الموجه خصيصا للنصارى .باعتبارهم الأكثر تمسكا بألوهية عيسى عليه السلام
قول الله تعالى : ( و ينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا و ما لهم به من علم و لا لآبائهم و كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا ) .الآيتان 4 و 5 من سورة الكهف .إن كلمة ( كذبا ) هنا كافية للدلالة على عمى هذه الحضارة المادية الكافرة .
لقد فتح الله تعالى حجب الغيب لنبيه الكريم محمد-ص- و رأى رسول الله مستقبل أمته .و أراد أن يحصنها ضد الفتن العاصفة القاصفة .( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم )الآية 128 من سورة التوبة .و كان بوسع النبي الكريم وصف إمكانيات الدجال وصفا تفصيليا و على الحقيقة الحرفية .و لكن بالتأكيد كان ذلك سيصعب إستيعابه آنذاك .و لذلك إختار رسول الله -ص-هذا الوصف المجازي الذي يؤدي الغرض .و لا يجعل المسلمين آنذاك يستغربون هذه القدرات . أما و أنها تحققت الآن أمامنا , فلم يعد لقارئ أحاديث الدجال لرسول الله , إلا أن يقول أشهد ألا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله .لدقة الوصف . و للتفصيل نبدأ بوسائل الدجال :
- جاء في وصف حمار الدجال : ( حمار الدجال من حديد , يأكل الحجارة , و له فوهة يخرج منها الدخان وله دوي و يركب الناس في جوفه ) أو كما قال رسول الله .من الواضح أنه كي تتحقق هذا الحديث على حرفيته ينبغي أن تنقلب الدنيا رأسا على عقب . فالحمار ليس من دم و لحم و يركب الناس في جوفه و ليس على ظهره و يأكل الحجارة لا الحشيش .و عليه فالفهم السليم الذي يبقي سنن الله في ملكوته هو , أن الحمار هنا وسيلة نقل كبيرة .و هي القطار كما ظهر أول مرة على يد الأمة المسيحية .
- ( حمار الدجال أقمر , طول كل أذن من أذنيه ثلاثون ذراعا يتناول السحاب بيمينه و يسبق الشمس إلى مغربها ) أو كما rال الصادق المعصوم محمد-ص-.و هنا أيضا تحقق الحديث بالمعنى الحرفي ضرب من العبث لا يقبله الله في كونه .و السليم أنها وسيلة نقل أيضا تطير في الجو و تبلغ السحاب .و لها سرعة فائقة جدا . فلو أنني صليت المغرب في الجزائر و امتطيت طائرة الكونكورد متجها إلى لندن , لوصلت هناك قبل حلول صلاة المغرب في لندن .أليست آية باهرة تثبت صدق الإسلام كله .
-( يمر بالخربة فيأمرها أن تخرج كنوزها , فتخرجها و تتبعه كعياسيب النحل ) لقد كانت أراضي العرب خربا و قفارا .و ما إن حل الغرب عندنا حتى فجر البترول و هو أهم الثروات عند العرب .و الغريب العجيب أن رسول الله يقول فتتبعه .إنه يأخذها خاما ليبيعها لنا في شكل آخر .
- يأمر السماء فتمطر .من المعلموم أن الله وحده هو الذي ينزل الغيث .انظر قوله تعالى : ( و ينزل الغيث و يعلم ما في الأرحام ).و الحقيقة أن كل ما على الرأس فهو سماء .فانظر وسائل الري العملاقة التي ابتكرتها الأمة المسيحة .من رش محوري و طائرات ....
- ( يأمر الأرض فتنبت ) .نعلم أيضا أن الإنبات و إحياء الأرض من خاصة أعمال رب العالمين .فمن ذا الذي يشاركه فيها ؟ .و لكن تأمل النباتات المعدلة جينيا . ألا ترى أنهم يتحكمون في مواصفات النبات .و يحصلون على النوعية التي يريدونها ؟ .
- أما التطور في المجال الطبي , فهي النقطة الحساسة هنا . فلنتخيل موقف الصحابة رضوان الله عليهم لو قال لهم رسول الله : سيبلغ الإنسان مرحلة من العلم تجعله ينزع قلب أخيه الإنسان و يضع مكانه قلبا آخر أو آلة و سيعيش صاحب القلب بعدها .إنه شيء رهيب بالنسنة لذلك العصر . أما الآن فنحن نرى هذا بأم أعيننا .و هذا مصداقا لقول رسول الله -ص- مثلث برمودا و علاقته بالمسيح الدجال و الشيطان " بالصور " ادخل ايها المسلم000  Frown يأتي بالشاب ممتلئا شبابا , فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض . ثم يدعوه فيتهلل وجهه يضحك ).
و الأدهى و الأمر هنا هو المعنى الحرفي للحديث إذ يجعل لله ندا يحي الموتى مثله .و هي معجزة لم تكن حتى لجميع الأنبياء و المرسلين .فكيف بكافر مجاهر بكفره ؟ .
و هناك إشارة أيضا من رسول الله إلى إمكانية الإستنساخ البشري .حيث جاء عنه -ص- فيما معناه : أن الدجال كي يفتن المسلم يقول له هل تؤمن بي إن أحييت والديك ؟ .و هي إشارة إلى إستنساخ البشر و الحيوان من خلال الحمض النووي .و هذه النبوءة الأخيرة في طور التحقق .
خروجه بالشام , حرمة مكة و المدينة :
تأمل أخي الكريم بداية الحركة الإستعمارية , حيث بدأت بالشام و ما كاد ت أرض العرب تنجو منه سوى المملكة العربية السعودية حيث مكة و المدينة .
و لو تتبعنا الأحاديث حديثا حديثا لطال البحث .و لكن لا أرى غموضا بعد هذه التوضيحات مطلقا ......
و الأهم من هذا كله , هو ضرورة فهم إصرار رسول الله على هذه الفتنة .و السبب أنها تمس المسلم في دينه .لذلك وصانا رسول الله بالثبات .و ما نراه اليوم هو إفتتان أبنائنا بجنة الدجال المادية .و ارتمائهم في أحضان النار ظنا منهم أنها الجنة .فهل حفظنا وصية النبي الحريص علينا الرؤوف الرحيم بنا ..؟.
يؤسفني أن أصارح نفسي بالحقيقة المرة و هي لا . إننا لم نحافظ على وصية رسولنا الكريم مطلقا .بل بالعكس أعطينا أحاديثه بعدا خرافيا لن يتحقق بالمعنى الحرفي مطلقا .و النتيجة إستغفال المسلمين و الدجال يلتهم أبناءهم .و الدليل عدد النصلرى في الدول الإسلامية .و الأكثر أسفا هو تنصر العرب .كيف يتخلى المنتسب إلى رسول الله بالعروبة عن هذه الصلة العظيمة و يرتمي في أحضان الكنسية البين كفرها .فالكل يعلم كفر من قال أن المسيح إله أو إبن إله .و هو كفر يعلمه الكاتب و غير الكاتب .و هذا معنى قول الرسول -ص- : ( مكتوب بين عينيه : ك ف ر يقرأها كاتب و غير كاتب ) و إلا كيف لغير الكاتب أن يقرأ .
و من التبريرات السخيفة جدا لدى المتمسكين بالمعنى الحرفي لأحاديث الدجال , قولهم بأن الجن ستعين الدجال .و هذا عبث ما بعده عبث .فلو صح هذا لصار الكون كله باطلا .و مهنم من يقول أن الله سيؤيده أي الدجال بالمعجزات .و هذا قول أكثر سخافة .فالمعجزة لا تكون إلا للأنبياء و لهداية الضال .قكيف تصبح للكافر و لإضلال المسلم المؤمن ؟.
في الأخير أشكركم جزيل الشكر على إتاحة هذه الفرصة , و أسأل الله الهداية لي و لجميع المسلمين .و السلام .






منقول