lamsetshefa
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

إسلام عدي بن حاتم

اذهب الى الأسفل

إسلام عدي بن حاتم Empty إسلام عدي بن حاتم

مُساهمة من طرف Thouraya.Yakoubi السبت فبراير 04, 2012 12:53 pm

كان عدي بن حاتم نصرانيا، وهو ابن حاتم الجواد المشهور. وكان امرءا شريفا في قومه، وكان يأخذ من قومه المرباع، (وهو ربع ما يصلهم من غنائم الحروب. كان اعرب يجعلون ذلك للرئيس منهم) فلما سمع برسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوته كره دعوته وترك قومه ولحق بنصارى الشام. قال عدي: فكرهت مكاني هناك أشد من كراهيتي له (أي لرسول الله صلى الله عليه وسلم) فقلت: لو أتيته فإن كان ملكا أو كاذبا لم يخف علي. وإن كان صادقا اتبعته. فخرجت حتى أقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فدخلت عليه وهو في مسجده، فسلمت عليه فقال: من الرجل؟ فقلت عدي بن حاتم. فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق بي إلى بيته، فوالله إنه لعامد بي إليه (أي قاصد بي إلى الدار) إذ لقيته امرأة ضعيفة كبيرة فاستوقفته، فوقف لها طويلا تكلمه في حاجتها، فقلت في نفسي: والله ما هذا بملك. ثم مضى بي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا دخل بي بيته تناول وسادة من أدم محشوة ليفا فقذفها إلي فقال: اجلس على هذه. قلت: بل أنت فاجلس عليها. فقال: بل أنت. فجلست عليها وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأرض. فقلت في نفسي: والله ما هذا بأمر ملك. ثم قال: إيه يا عدي بن حاتم، هل تعلم من إله سوى الله؟ قلت: لا. ثم قال: هل تعلم شيئا أكبر من الله؟ قلت: لا. قال: ألم تكن ركوسيا؟ (قوم لهم دين بين النصارى والصابئة) قلت: بلى. قال: أولم تكن تسير في قومك بالمرباع؟ قلت: بلى. قال: فإن ذلك لم يكن يحل في دينك. قلت: أجل والله. ثم قال: لعلك يا عدي إنما يمنعك من الدخول في هذا الدين ما ترى من حاجة أهله. فوالله ليوشكن المال أن يفيض فيهم حتى لا يوجد من يأخذه. ولعلك إنما يمنعك من الدخول فيه ما ترى من كثرة عدوهم وقلة عددهم، فوالله ليوشكن أن تسمع بالمرأة تخرج من القادسية على بعيرها حتى تزور هذا البيت لا تخاف. ولعلك إنما يمنعك من دخول فيه أنك ترى أن الملك والسلطان في غيرهم. وأيم الله ليوشكن أن تسمع بالقصور البيض من أرض بابل قد فتحت عليهم! قال: فأسلمت. قال عدي: فرأيت اثنتين الظعينة، وكنت في أول خيل أغارت على كنوز كسرى، وأحلف بالله لتجيئن الثالثة.
العبر والعظات: كان قدوم عدي بن حاتم إلى سول الله صلى الله عليه وسلم وخبر إسلامه في الفترة التي قدم عليه فيها الوفود من كل جهة وصوب. يقول عدي: "فوالله إنه لعامد بي إلى داره إذ لقيته امرأة ضعيفة كبيرة فاستوقفته فوقف لها طويلا تكلمه في حاجتها، فقلت في نفسي: والله ما هذا بملك". فقد كانت هذه سجية رسول الله وطبيعته في كل حال. فما كان يتميز على أصحابه في مجلس. وما كان يعلو في معيشته وحياته من مستوى الفقراء والمساكين. وما أثر أنه صلى الله عليه وسلم أكل على خوان قط. وما رؤي أصحابه صلى الله عليه وسلم يكدون في عمل شاق إلا كان النبي منهمكا فيه معهم. كانت هذه صفته حتى فارق الدنيا والتحق بالرفيق الأعلى. فأي سر يمسكه على هذه الحال (مع ما فيه من الخصائل التي لو أحب أن يتعلق بها لرفعته إلى مكانة عالية لا ينتهي إليها أحد غيره) غير سر النبوة التي أكرمه الله بها؟! ويقول عدي: "فلما دخل بي بيته تناول وسادة من أدم محشوة ليفا فقذفها إلي فقال: اجلس على هذه...فجلست عليها وجلس هو على الأرض!... فقلت في نفسي: والله ما هذا بأمر ملك."ولعل عديا وهو الذي كان ذا مكانة مرموقة في قومه كان يحسب أن يجد بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينطق بشيء من المعنى الذي كان هو يتمتع به. ولكنه فوجئ بعكس ذلك، فوجئ برسول الله صلى الله عليه وسلم يتربع جالسا أمامه على أرض يابسة!...ونظر، فإذا بالدار تنطق بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس من تلك المظاهر التي كان يتوقع رؤيتها في شيء! أفيكون مع ذلك ينشد من وراء دعوته هذه ملكا ويسعى وراء ثروة أو مجد؟! ويصف عدي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وكيف استشف فيه الغيب المتعلق بمستقبل الإسلام والمسلمين. فقد صدق الرسول عليه الصلاة والسلام. فقد بعث عمر بن عبد العزيز عامله بأموال الزكاة لتوزيعها على المستحقين في جهات من افريقية ولكنه عاد بها ثانية لأنه لم يجد من يأخذها فاشترى بها أرقاء وأعتقهم. وصدق الرسول عليه الصلاة والسلام ثانية فقد افتتحت بلاد فارس وامتد فوق هذه الرقعة أمن الإسلام وسلامه. فما من عابر سبيل فيها يخاف شيئا غير الله عز وجل والذئب على غنمه، كما قال عليه الصلاة والسلام في حديث آخر. لقد وجد عدي سمات النبوة الصادقة في مظهر معيشته وحياته ووجد هذه السمات أيضا في لون حديثه وكلامه. ووجد مصداق ذلك فيما بعد. فكان ذلك سبب إسلامه وانخلاعه عن مظاهر الأبهة والترف التي كان قد أسبغها عليه قومه. وإذا توفر عقل مفكر وتوفرت معه حرية في التأمل فلا مفر إذا من قبول الحق والإيمان به مهما شق السبيل إلى ذلك. أما إذا فقدت حرية الفكر وضاعت قدسية العقل ونبتت في مكانها قدسية الحقد والهوى، فلا مناص من العكوف على الباطل، ولا مفر من معانقة الجهل أو التجاهل. ولا نعمة تفوق نعمة العمى أو التعامي. وصدق الله تعالى إذ يبين لنا صفات هؤلاء بقوله: (وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فاعمل إننا عاملون) فصلت 5.
المصدر: فقه السيرة

Thouraya.Yakoubi

المساهمات : 8
تاريخ التسجيل : 01/02/2012

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى