قطع الرباط الصليبي

لا يخلو أى محفل أو حدث رياضي إلا وكان الحديث عن «بعبع الرياضيين» الذي يعرف «بالرباط الصليبي»، ويعد قطع أو تمزق الرباط الصليبي الأمامي إحدى أكثر الإصابات التي يتعرض لها مفصل الركبة أثناء ممارسة بعض الرياضات التي تتطلب حركات دورانية سريعة نوعاً، أو حركة التفافية مفاجئة أو عنيفة جداً لمفصل الركبة، ككرة القدم، والتنس الأرضي، والتزلج على الجليد. وكثيراً ما يتردد معاودة تعرض اللاعبين المصابين لنفس الإصابة التي تحتاج مدة زمنية طويلة للعلاج والتأهيل البدني حتى يكون قادراً على ممارسة رياضته المفضلة بشكل طبيعي؟


بداية..ماهي حقيقة وطبيعة الإصابة بقطع أو تمزق الرباط الصليبي؟ وما هي الأسباب؟ وكيف يشخص؟ وما هي الوسائل العلاجية والتأهيلية الآمنة؟ ولماذا يطلق عليه تسمية «بعبع» الرياضيين»؟


تساؤلات حملتها «الاتحاد» ليجيب عليها الدكتور ولاء الأسيوطي، استشاري جراحة العظام ومدير «إكستر ميديكال سنتر» في أبوظبي. بداية يقول الدكتور الأسيوطي: «علينا كرياضيين أو غيرهم أن نعرف أن مفصل الركبة يعد أكبر المفاصل الموجودة في الجسم، ويتكون من التقاء ثلاث عظام رئيسية هي»عظمة الفخذ، والقصبة، والردفة أو « مايعرف بالصابونة»، وتغطي الغضاريف الناعمة أسطح هذه العظام المكونة للمفصل حتى يضمن ذلك سهولة الحركة، ويوجد بين عظمتي الفخذ والقصبة غضاريف «هلالية» تعملان كوسادتين مهمتين، ولتساعدان على امتصاص الصدمات أثناء المشي أو الجري أو الحركة. ومما لاشك أن المحافظة على ثبات الركبة يعتمد على وجود أربعة أربطة مهمة بين عظمتي الفخذ والقصبة، وهي الرباط الصليبي الأمامي، ويوجد خلفه مباشرة رباط آخر يتصالب معه، ويصل أيضا بين العظمتين ويدعى الرباط الصليبي الخلفي، إلى جانب الأربطة الجانبية الداخلية والخارجية، ويبطن جدار كبسولة المفصل من الداخل غشاء «سينوفي» يقوم بانتاج السائل اللزج الذي يساعد على ليونة حركة المفصل وتغذية خلايا الغضاريف».

قطع الرباط


أما عن الإصابة بقطع الرباط الصليبي، يوضح الدكتور الأسيوطي: «نلاحظ أن الرباط الصليبي الأمامي يوجد في منتصف الركبة، إلا أنه أكثر الأربطة تعرضاً للإصابة، وهذا الرباط يشبة الحبل حيث يمسك طرفه العلوي بعظمة الفخذ وطرفه السفلي بعظمة القصبة، ووظيفته منع عظمة القصبة من التحرك للأمام بالنسبة لعظمة الفخذ. وقد ينتج عن قطع الرباط الصليبي الأمامي لأي سبب من الأسباب «كالالتفاف العنيف المفاجىء» عدم ثبات مفصل الركبة، التي تحدث حركة لا إرادية تتسبب في هذا القطع، خاصة عند الجري أو القفز أو تغيير الاتجاه المفاجئ، والتواء الركبة تحت ضغط قوة ووزن الجسم بما لا يتمكن الرباط من مقاومتها مما يؤدي الى قطعه. وينتج عن القطع زيادة احتمالات حدوث خشونة الركبة وقطع بالغضاريف الهلالية الموجودة، ويتم تشخيص القطع بفحص ركبة المريض واختبار مدى ثباتها، وعمل أشعة ورنين مغناطيسي للركبة للتأكد من التشخيص وللتأكد من عدم وجود إصابات أخرى مصاحبة بالركبة».

ويلاحظ المصاب عند حدوث تمزق في الرباط الصليبي الأمامي، فإنه غالبا ما يشعر بحدوث صوت «فرقعة قوية جداً»، في داخل المفصل يترافق مع آلام وشعور بأن الركبة قد تعرضت إلى فك أو انفصال وذلك نتيجة حدوث احتكاك غير طبيعي بين العظمتين، كما تبدأ الركبة بالتورم تدريجياً إلى درجة تصبح حركة المفصل من ناحية المد والثني صعبة أو محدودة جداً».


التشخيص والعلاج


عن العلاج السليم، يقول الدكتور الأسيوطي:» عند إصابة اللاعب، يفضل وضع «كمادات» من الثلج على ركبة اللاعب على الفور، وإعطاء المريض أدوية مسكنة ومضادة للالتهاب وينصح المريض بالراحة وعدم الحركة قدر الإمكان، ويستعمل رباطاً ضاغطاً على الركبة، واستعمال عكازين لمدة ثلاثة إلى خمسة أيام، ويتم تقييم مدى احتياج المريض لإجراء جراحة له من عدمه حسب سنه، ومدى عدم ثبات المريض، واحتياجات المريض الحركية، ووجود إصابات مصاحبة بالركبة، وإذا تقرر إجراء جراحة للمريض، فيتم إجراءها بعد الإصابة بعدة أسابيع حتى نتأكد تماماً من زوال أى تورم في الركبة وتحسن حركتها.


وهنا نشير إلى أهمية عدم التسرع في التدخل الجراحي مباشرة بعد الإصابة وذلك لتلافي حدوث التصاقات ليفية في المفصل يمكن أن تحدد حركته، وقد تؤدي إلى تيبس فيه. ومن ثم أصبح معروفا عالمياً أن يتم تأجيل عملية بناء الرباط الصليبي إلى مدة لا تقل عن شهر من تاريخ الإصابة. وفي المرحلة الثانية التي تستمر بين شهر إلى شهرين، يبدأ المريض تحت العلاج الطبيعي المكثف بهدف تقوية العضلات الخلفية والأمامية المحيطة بالركبة إضافة إلى استعادة حركة مفصل الركبة بالكامل كما كانت قبل الإصابة. وإذا تقرر إجراء جراحة للمصاب،لا يتم خياطة الرباط المقطوع» حيث أن ليس له القدرة على الالتئام»، بل يتم عمل رباط صليبي جديد من الأنسجة الموجودة بالركبة نفسها. إضافة إلى التأكد من حالة الأنسجة والغضاريف والأربطة الأخرى أيضا. أما إذا تقرر عدم إجراء الجراحة، فيتم علاج المريض بوصف تمارين معينة لتقوية عضلات الفخذ مع مراعاة عدم إرهاق الركبة. وقد ينصح المريض بارتداء «ركبة مطاطية « ذات مواصفات خاصة».


عملية اعادة بناء الرباط الصليبي


يقول الدكتور الأسيوطي:«إن عملية جراحة الرباط الصليبي هي عملية إعادة بناء كما أشرنا، وحيث يتم تثبيت مفصل الركبة، وحماية الغضاريف الهلالية من التعرض للتمزق، وحماية المفصل نفسه من التآكل. وفيها يتم أخذ الثلث المتوسط من وتر الصابونة أو وترين من العضلات الخلفية، ومن ثم يتم زرع هذا الجزء الوتري بواسطة المنظار في مكان الرباط الصليبي المقطوع. كما يتم في سياق نفس العملية علاج إصابة الغضاريف الهلالية المرافقة لإصابة الرباط.

وتتم عملية بناء الرباط الصليبي الأمامي تحت التخدير العام أو النصفي، وتستلزم إقامة المريض في المستشفى لعدة أيام حيث يبدأ المريض العلاج الطبيعي المكثف تحت إشراف أخصائيي العلاج الطبيعي المتخصصين في هذا المجال وبمعدل جلستين يوميا، ومما يساعد المريض على القيام بذلك عدم معاناته من ألم الجراحة بفضل الطرق الحديثة المطبقة لمعالجة الألم بعد الجراحة. ويسمح للمريض بالمشي بعد يوم من العملية وذلك بمساعدة «عكازين» يحتفظ بهما لمدة تتراوح بين أسبوع إلى ثلاثة أسابيع حسب كل حالة ونوعية الإصابات المرافقة لإصابة الرباط. وبعد خروج المريض من المستشفى فإنه يستمر في متابعة علاجه الطبيعي لمدة من بين 3و4 أشهر حتى يصل إلى القوة العضلية المطلوبة وحتى يستعيد مفصل الركبة حركته الكاملة.

أما بالنسبة للعودة إلى ممارسة رياضته المفضلة فإن ذلك يحتاج ما بين 6,12 شهرا بعد العملية