التهاب كعب القدم

مقدمة وتعريف بالمرض :

يقوم حوالي مليون شخص بزيارة الطبيب كل عام بسبب إصابتهم بمرض التهاب اللفافة الإخمصية Plantar Fascitis الذي يعتبر أكثر مسببات الآلام في القدم شيوعاً عند البالغين. ويتركز معظم الإصابات بهذا المرض في الأعمار بين 40 و 60 عاماً خصوصاً عند الناس النشطين فيزيائياً . لكن هذه المشكلة يمكن أن تبدأ في عمر أبكر عند العدائين وممتهني ألعاب القوى .
اللفافة الإخمصية هي رباط قوي في أسفل القدم يعمل على دعم القوس الداخلي من القدم عند المشي ، وهو يبدأ عند عظم الكعب أو العقب Heel كعصابة واحدة ويمتد على طول أسفل القدم مشكلاً مروحة عند أصابع القدمين . ويعتبر امتداداً لوتر أخيل Achilles Tendon في بطة الساق Calf يساعد في نقل الشد من الأخيلات إلى القدم أثناء المشي . تتمدد هذه اللفافة وتنقبض عندما يوضع ثقل الجسم على القدم . تبدأ المشكلة عندما يوضع الرباط تحت ضغط مستمر كما هو الحال عند أصحاب القدم المسطحة ، أو عند تقلص أو انشداد اللفافة . يبدأ الرباط عندئذ بالتحلل والتمزق اعتباراً من منشئه في عظم الكعب وعلى طول أسفل القدم خصوصاً إذا كان هناك خبط متكرر للقدم على الأرض وزائد عن الحد أثناء الجري أو الأنشطة العنيفة. وبعد عدة تمزقات صغيرة ، يتطور التهاب في المنطقة يدعى التهاب اللفافة الإخمصية . ويمكن أن يحصل ذلك في أسفل القدم أو في الجهة الداخلية أو الجهة الخارجية أو أعلى القدم .

وأكثر أعراض التهاب اللفافة الإخمصية أو التهاب كعب القدم هو الألم الفظيع عند وضع الأقدام على الأرض لأول مرة بعد مغادرة الفراش في الصباح أو بعد فترة طويلة من الراحة . وتسبب هذه الخطوات الأولى الألم بسبب إمكانية انقباض وقصر عضلات بطة الساق واللفافة الإخمصية خلال الليل أو أثناء الفترات الطويلة من الجلوس ، وتمددها إلى وضعها السابق مع الخطوات الأولى بعد الاستيقاظ أو الانتهاء من الراحة الطويلة . وعندما يكون التمدد شديداً ويرافقه تمزق يكون الألم شديداً .

ومن الأمثلة الشهيرة على الإصابة بالمرض حالة لاعب كرة البيسبول جو ديماجيو Joe DiMaggio ، الذي كان يعاني في آخر أيام لعبه من إعاقة شديدة بسبب ألم كعب القدم ، الذي نشأ غالباً عن التهاب اللفافة الإخمصية ، ولكنه نسب إلى نتوءات الكعب التي قد ترافق التهاب اللفافة الإخمصية ، مع أنها لا تكون سبب الألم الشديد إلا نادراً .

يتشكل نتوء عظمي في عظم الكعب من الأسفل في نقطة ارتباطه باللفافة الإخمصية مع الوقت عند كثير من المصابين بالمرض . ونتوء عظم الكعب هو زيادة في العظم في أسفل الكعب يتشكل باتجاه مقدمة القدم ، بسبب الجذب الشديد المستمر للفافة الإخمصية على عظم الكعب خلال أشهر أو سنوات ، حيث يستجيب العظم بالنمو في الاتجاه الذي يأتي منه الشد . ليس نتوء العظم في حد ذاته مؤلماً أو مسبباً للمشاكل بحد ذاته في أغلب الأحيان ، ولكن الألم يحصل نتيجة للشد الحاصل ودلالة عليه ، وعلى شدته ومدة حصوله .

أعراض المرض :

يشعر المريض بالتهاب اللفافة الإخمصية غالباً في أسفل الكعب تجاه داخل القدم . ويصف المرضى الألم على أنه عميق وشديد وحاد في بعض الأحيان . ويحصل الألم الرئيس عند الخطوات الأولى بعد الراحة أو عدم الاستناد إلى القدمين لفترة من الوقت . ومع المشي يصبح الألم أقل ، ويمكن حتى أن يزول . يجب أن لا يكون هناك ألم حارق أو ألم عصبي حاد في التهاب اللفافة الإخمصية ، ويجب أن لا يكون هناك ألم موجع عميق . وكثيراً ما يحصل التباس بين التهاب اللفافة الإخمصية وانقراص عصبي أو كسر إجهادي للكعب .

طريقة الفحص :

يمكن أن يشمل الفحص التصوير بالأشعة السينية ( للتأكد من عدم وجود كسر أو ورم ) أو بالأمواج فوق الصوتية (لفحص اللفافة ذاتها ، والتحقق من عدم وجود تمزق ، ومعرفة مستوى الندب النسيجي أو الضرر) أو بالتصوير بالرنين المغناطيسي . كما يشمل فحص الأعصاب ( فحص غير مؤلم بحساس عصبي للتحقق أنه لا يوجد مشكلة عصبية محلية ، أو لمعرفة إن كان الألم مرتبط بالأعصاب ) .

العوامل المسببة لالتهاب اللفافة الإخمصية :

التمرن الزائد عن الحد ، وخاصة بالجري باتجاه منحدر ، أو بزيادة المسافة المقطوعة عادة بشكل فجائي .التمرن أثناء ارتداء حذاء له داعم قوسي هزيل ، أو نعل متيبس .الجري على سطوح قاسية أو غير منتظمة الجودة .أن يكون للشخص أقدام مسطحة .النزول على القدم من الجهة الخارجية ( بشكل مائل ) أثاء المشي أو الجري مسبباً بذلك التفاف سطح القدم من الجهة الخارجية نحو الداخل .المشي حافياً أو على أرض صلبة وملساء .يعتبر إجراء تمارين ارتخاء قبل ممارسة الرياضة أو المشي واحداً من المتطلبات الشائعة لتجنب وعلاج التهاب اللفافة الإخمصي ، عن طريق إرخاء بطة الساق وعضلات القدم .

المعالجة الفيزيائية التقليدية لالتهاب اللفافة الإخمصي :تتم المعالجة الفيزيائية بأشكال عدة تتراوح ما بين أعمال علاجية وأعمال وقائية . وأهم هذه الأشكال :

· وضع الثلج على القدم المتألمة .

· إجراء تمارين إرخاء لتحسين المرونة .تتضمن تمارين الإرخاء تعليق كعب الفدم على درجة سلم أو إمساك أصابع القدمين العارية وجذبها نحوك . يمكنك أن تجد تعليمات حول روتين الإرخاء الجيد على الإنترنت .

· تناول أدوية مضادة للالتهاب غير ستيروئيدية .

· إراحة القدم بتجنب الأنشطة التي تحدث المشكلة أولاً .

· ارتداء أحذية تؤمن دعماً مناسباً .

· تجنب ارتداء خف غرفة النوم أو البقاء حافياً .يمكن شفاء التهاب اللفافة الإخمصي في 80 إلى 90 من الحالات ، ولكنك قد تحتاج لاتباع الإجراءات الموصوفة أعلاه لمدة سنة أو أكثر .إذا لم يخف الألم بعد تنفيذ هذه الإجراءات لمدة عدة أسابيع ، فإن عليك التفكير برؤية طبيبك . ويمكن أن يجد الطبيب أنك لا تجري تمارين الإرخاء بشكل صحيح .

طرق العلاج التقليدي الأخرى :

تشمل المعالجات التقليدية الأخرى التي يمكن أن يطلبها الطبيب أخذ حقن كورتيزون ( لتهدئة التورم والألم ) ، ولبس جبيرة في الليل لإبقاء اللفافة مرتخية ( لمساعدتها على التمدد خلال الليل ) ، وارتداء مشدات مقولبة تصنع حسب المقاس ( مرتفعة الثمن إلى حد ما ) تدعى مقومات Orthotics ( تساعد على ضبط حركة القدم والقوس كي تزيل الضغط على اللفافة الإخمصية )، وعادة ما تصنع من قبل اختصاصي أقدام .

معالجة التهاب اللفافة بصدمة الموجة :

إذا فشل العلاج التقليدي في حل المشكلة خلال عدة أشهر ، فإنه يلجأ إلى العلاج بصدمة الموجة Shock- wave التي تسمح لدم جديد بالقدوم إلى منطقة اللفافة المتضررة ويساعد في شفائها . وتكون النتائج ممتازة في أكثر من 70 % من الحالات ، ويرتاح المريض بعد أول علاج . تأخذ المعالجة بصدمة الوجبة بعض الوقت لكي تؤدي إلى نتائج ، حيث تحتاج حوالي ثلاثة أشهر حتى ترى كاملة .

لقد درست معالجة التهاب اللفافة بموجة الصدمة Shock- wave ، بشكل واسع ، لكن فعاليتها ما تزال موضع جدل .

المعالجة الجراحية :

تحفظ الجراحة للحالات المزمنة من التهاب اللفافة الإخمصية التي لم ينفع معها كل أنواع المعالجة التقليدية . ويتم اختيار نوع التدخل الجراحي بحسب شدة التهاب اللفافة .

تدعى أولى وأقل التقنيات الجراحية إيذاءً للأنسجة جراحة الاستئصال البارد Coblation ، وهي تتم باستخدام مسبار توباز Topaz Probe . وتتضمن العملية حرق مسيطر عليه لعدد كبير من الثقوب بالغة الصغر عبر الجلد وخلال اللفافة الإخمصية في الكعب . تهيج ثقوب الاستئصال اللفافة بشكل كاف لتحويل المشكلة المزمنة إلى مشكلة حادة ولزيادة الدوران الدموي في المنطقة المتضررة . تهدأ الألياف العصبية الصغيرة أيضاً منقصة الألم . يقوم جسم المريض نفسه بعدئذ بزيادة الخواص الشافية الطبيعية التي تبدأ بشفاء الرباط المتأذي حديثاً . يتم شفاء هذه الأذية الحادة في الرباط في بيئة مسيطر عليها عن طريق تثبيت القدم في حذاء خاص ( بوط ) لمدة 2 – 4 أسابيع . تكون العودة للمشي وممارسة النشاط بشكل كامل بعد الجراحة مباشرة . ويسمح للمريض بأخذ دوش ( حمام ) في اليوم التالي للعملية .

إذا فشلت كل طرق العلاج ، بما فيها جراحة توباز البسيطة ، فإنه يلجأ إلى جراحة لتحرير اللفافة ليتم التخلص من الشد فيها. ويمكن إجراء هذه الجراحة بالتنظير الداخلي الموجه بكاميرا مما يسمح بالشفاء السريع مع أقل زمن تعطل .

يمكن في الحالات التي يقع فيها عصب في شرك أو في حالة حصول ندوب في الأنسجة ، أن يتطلب الأمر تحرير العصب المرتبط بالكعب كي يتم التخلص من الألم الحارق . ويجرى ذلك عادة في نفس الوقت مع جراحة تحرير اللفافة ولكن من خلال شق مفتوح صغير .

منقول